مع انتشار كورونا .. تحديات الأمن الصحي/ بقلم كاظم الكفيري

كنانة نيوز – مقالات –
مع انتشار كورونا .. تحديات الامن الصحي .
بقلم : كاظم الكفيري
على مسافة زمنية قريبة، نكون قد قطعنا شوط العامين من مواجهة فيروس كورونا، ستترك هذه المرحلة جرحاً لا يبرأ من فقدان أرواح كثيرة،ومجموع اصابات مليوني، القطاع الصحي رغم ضعف الإمكانات واجه بكوادره واحداً من أفتك الأوبئة في العصر الحديث، وقد تعامل بطاقة قصوى وإستجابة طبية تحدّت انتشار المرض، في صعوده وهبوطه، في ذروته وكمونه ايضاً
اتكلم عن اجراءات صحية محضة، وليس عن تدابير وطنية أقتصادية او إجتماعية، وهو شان آخر، نعم لقد إستطاع القطاع الصحي في الأردن تحقيق تقدم ملموس وإنجاز ملحوظ على المستويين المحلي والعربي، واستطاع الطبيب الأردني أن يحقق مكانة مرموقة في الكفاءة والمنافسة، واستطاعت المستشفيات الأردنية أن تحتل مرتبة متقدمة أيضاً على صعيد تقديم الخدمات الصحية المتميزة، وكذلك في مجال صناعة الأدوية الأردنية، وأصبح القطاع الصحي الأردني يمثل احد ميزات الأردن المعاصر، إلى جانب الازدهار التعليمي، مما يحتم على الحكومة والمؤسسات العلاجية وكل العاملين في الحقل الصحي، بل ويحتم علينا جميعاً العناية بهذا القطاع على نحو يضمن تقدمه وازدهاره وتميزه، ويحول دون تعرضه لاشكالات وعوائق تعرقل مسيرته وتحد من إنجازاته في خدمة المواطن الأردني وفي خدمة الأشقاء العرب، حيث ينبغي أن تبقى ” السياحة العلاجية” في الأردن أحد أعمدة الاقتصاد الأردني.
لكن هذا لا يعفي إعادة النظر بالخدمات الصحية والعلاجية بشكل مستمر، سواء بإقتراح خطة زمنية لترميم الجهاز الصحي الحكومي، وتطوير المستشفيات الحكومية والعناية بها، ورفع مستوى الخدمة الصحية العامة للمواطن، والقضاء على كل أشكال الترهل الإداري في القطاع برمته، ووضع حد لكل مظاهر التسيب التي تكون على حساب المريض وصحته، حيث أن المريض يكون في أشد حالاته ضعفاً ويكون في أشد أوقاته حاجة للمساعدة والعناية التي تحترم كرامته وتحفظ كينونته وحقوقه كمريض.
الأمن الصحي الشامل يشكل إحدى حاجات الأفراد والمجتمعات الأكثر إلحاحاً، وتصل إلى مرتبة الحاجات الأساسية ، ونلحظ في الوقت الذي يتم فيه تقليص دور الدولة وتضييق مساحات سلطتها في فلسفة إدارة الدولة الحديثة المتبناه في الدول التي تتبنى سياسة السوق المفتوح والانفتاح الاقتصادي، ومع هذا يجب أن تحتفظ الدولة بإدارة القطاع الصحي والتعليمي بشكل مركزي، لأن هذين القطاعين لا يحتملان الاستغلال الفردي والإستثمار بقصد تعظيم الأرباح على حساب صحة المواطن وتعليمه.
نحن بحاجة إلى إعادة النظر والتقويم في مسألة سيطرة رأس المال والتجارة على القطاع الصحي، بحيث يبقى القطاع الصحي بعيداً عن مسلك الاحتكار والاستغلال والأثراء الفاحش، وهذا لا يتأتى إلّا من خلال إعادة بناء القطاع العام الصحي بناءً سليماً معاصراً عن طريق رفده بالكفاءات الطبية المتميزة، وتوفير الأجهزة والمستلزمات الطبية وتحديداً في المراكز والمستشفيات التي يقصدها ملايين المواطنين من ذوي الدخل المحدود،
وذلك عبر إيجاد معادلة قادرة على الاستفادة من الأطباء وأصحاب الاختصاصات المتميزة في وزارة الصحة مع السماح لهم بالعمل في القطاع الخاص وفق لآلية توازن بين عملهم هنا وهناك ، بحيث أن كل طبيب يؤدي خدمة معقولة في القطاع العام وفاءً لوطنه والتزاماً بخدمة شعبه، لأننا نجد أن القطاع العام قد تم إفراغه من التخصصات النادرة والكفاءات المتميزة وتسربت إلى الخارج أو إلى القطاع الخاص بسبب تدني الرواتب والمكافات نسبة إلى القطاع الخاص.
كما أن التأمين الصحي الشامل ينبغي توفيره لكل المواطنين بطريقة تحترم الإنسان وتصون كرامته، وتحترم ضعفه بطريقة حضارية تليق بسمعة الأردن ومكانته الصحيّة على مستوى الإقليم، وهذا ممكن وليس ضرباً من المستحيل، لأن المواطن مستعد لدفع ضريبة عالية نسبياً إذا كان يقابلها خدمة محترمة تتناسب مع ما يتحمله المواطن من تكاليف وضرائب.