القدس والواقع العربي في قصيدة ” إليك .. يا قدس ” للشاعرة نورا العداد /للأديب هاشم خليل عبدالغني

كنانة نيوز – القدس والواقع العربي في قصيدة

” إليك .. يا قدس ” للشاعرة ( نورا العداد)

لا يتوفر وصف.

الشاعرة  نورا العداد

 

القدس والواقع العربي في قصيدة

” إليك .. يا قدس ” للشاعرة ( نورا العداد)

  • هاشم خليل عبدالغني

 

        اولى الشعراء العرب القدس الشريف اهتماما خاصاً  فالقدس لدى الشعراء العرب رمز عزة وكرامة، وهي كذلك مركز الصراع العربي الصهيوني، الذي يعد امتداداً للصراع التاريخي الذي شهدته المدينة على مر العصور

       القــدس وجــع القصيدة ووهجــها،فقــد شكـلت جوهر العديد مــن القصائد العربية، فمن الشعراء مــن تغنى بتاريخها، فعاد إلى مــا قبل الميلاد، ليذكربــأنها كــانت حاضرة بني كنعان، ومنهم من تغـــنى بقدسيتها، وهـــي أولـى القبلتين وثالث الحرمين الشريفـين يـــوجد بها المسجــد الأقصى، وكنيسة القيامة ،كـما أنها تعتبر من أكثر المدن العريقة وأقدمها،وهي عاصمة فلسطين المحتلة .

     من الشعراء العرب الذين عبروا عن القدس، بأجمل وأصــدق الكلمات الشاعرة التونسية “ نورا العداد” التي سوف نتعرف من خلال هذا المقال، على قصيدتها ( إليك .. يا قدس ) .

     توجه الشاعرة بقلب موجوع في قصيدتها ( إليك .. يا قدس ) رسالــة اعتذارلمديــنة القــدس،تحــمل بين حـروفها، ذلنا وهواننا وقــــلة حـــيلتنا كــعرب ،فمــنذ احتــلال القدس لا نجيد إلا الشحب والاستنكاروالانبطاح، ونعاني الضعف والهزيمة والانكسار.

 

     تكشف لنا الشاعرة في مطلع قصيدتها عن عجز الواقع العربي الراهن ،وتقصيره تجاه القدس ،التي تئن تحت وطأة الاحتلال،وتشير إلى أن الخيول العربية تقاتل في غير ميادينها،منذ أن وجهنا شحنات الغل والكره لبعضنا،بدل أن نوجهه لمن يحتل أرضنا العربية، إستسلمنا نحن شعوب العرب لعجزنا وضعفنا ،أمام من خذلونا من حكامنا، بسبب حالة الخلافات العربية المزمنة ،التي تعكس مشكلة النظام العربي وأنظمته السلطوية الفاقدة للشرعية، وارتهان عدد كبير من الدول العربية، لإرادة قوى خارجية ألقيا بظلالهما السوداوية على المشهد الفلسطيني وتحديداً مدينة القدس .

إليك ….يا قدس….

الجياد العربية تائهة

تسف رمال صحراء قاحلة

مذ ترجل فرسانها

و النوق العربية باركة

تخلفت عن القافلة

مذ تلهت

بمضغ أشواك يابسة

 

 تنعى الشاعرة على العرب والمسلمين ، تخليهم عن تاريخهم الزاخر بالبطولة والفداء ،وتذكرهم باجدادهم الذين اكتسحوا الدنيا ونشروا العدل وفتحوا صفحات جديدة في تاريخ العالم ، وتذكرهم ” بصلاح الدين الأيوبي “قائد معركة حطين الذي حرر القدس من الصليبين، وتقول لهم : لماذا سكتم عن المظالم ولم تقاوموا  ؟ لماذا لم تثوروا على واقع غير مألوف و مرفوض، متمثلا في الاحتلال المباشر والغير مباشر؟،لماذا بعتم سيف صلاح الدين؟ وجعلتم جماعة الذل والمهانة، الذين أثقلت عقولهم وبطونهم العمالة والخيانة ،تزايد على ثمنه ،في سوق العبيد والرقيق !

و سيف صلاح الدين

بيع في سوق النخاسين

تزايد عليه

رهط من المتخمين

ليزينوا به بيوتهم الفاخرة

        تخـاطب الشاعرة القدس زهرة الــمدائن، مهد الــحضارات والديانات السماوية، وسيــدة الأرض ، قائلة :أمــا أنت يــا قــدس فتعـيشن واقعــا مـــريرا، وتغــرقين فــي بــحر الـتهويـد المستمر، وتستصرخين العرب والمسلمين والانسانية ،وسط غيـــاب عــربي واضح، محـــاطة بامــواج عــاتية من التأمر والتفريـط ،وفشل في حمــايتك ورعايتك، بأقصــاك وقبتك ومآذنك وكنائسك وفق العهدة العمرية من الاحتلال الصهيوني .

و أنت…يا قدس

تغرقين..في مياه مالحة

تستغيثين و الأمواج عاتية

تنوحين و الحيتان ضارية

 

وتنتقل الشاعرة لتوجه حديثها للضميرالعربي للانسان العربي ،صاحب الحق التاريخي في الأرض والمقدسات،إن برتقال ( يافا ) الفلسطيني العربي )كان برتقال يافا من أهم صادرات فلسطين قبل الاحتلال، لدرجة أنه أصبح رمزاً وطنياً له )هذا البرتقال الحزين المسروق ” ذهب فلسطين ”  يناديكم يصيح بأعلى الأصوات حرروني ،ففيه رائحة العودة ، وقبة الصخرة ، وكل ذرة من ثرى فلسطين ، تستنجد بكم برحولتكم وشهامتكم ، وتحثهم الشاعرة على كسر الصمت والتمرد على الواقع المزري، وتوفيرالتسهيلات والدعم اللازم لها على مختلف الأصعدة ، وإعادة القضية الفلسطينية وخاصة قضية القدس إلى واجهة االأولويات ، وتقديم التضحيات من أجلها ، مما يجعلها قضية حية ومتفاعلة بوصفها قضية عربية إسلامية.

و أنت أيها الصوت العربي

و أنت أيها الحق العربي

يناديك البرتقال الحزين

تستجديك قبة الصخرة

و كل ذرة من ثرى فلسطين

فلتكسر الصمت

و لتهدي شموسك للقدس قرابين

 

وتختم الشاعرة قصيدتها ببيان مكانة القدس الروحية والوجدانية، لدى الإنسان العربي ، وتوجه رسالة سلام ومحبة وامان للقدس، فالقدس في القلب كما يفهم من نص الشاعرة ،فهي لؤلؤة عظيمة و فريدة لا نظير لها ،تزين تاج العروبة ،وهي زهرة أنتشرت رائحتها القدسية فوق خد وجبين الأمة، وفي ختام القصيدة توجه ” نورا العداد ” تحية للقدس وأهلها وابطالها الصادقين ، تحية للقدس ولمن يحبها ويناصرها .

إليك …يا قدس

يا درة تحلي تاج العروبة

و زهرة تفوح على خد العروبة

إليك قوافل السلام

و أكاليل المحبة

و أسراب حمام

 

مما تقدم يتبين أن الشاعرة” نورا العداد ” ترى أن القدس( هي كل شيء) بالنسبة للعرب والمسلمين ،هي قيمة يجب أن تتمثل في سلوكنا واخلاقنا وأفعالنا، فالشاعرة تعتذر نيابة عن كل عربى ومسلم لأهل القدس، لأننا تركناكم فريسة للمحتل، وفرطنا فى حقنا فى القدس،وتركنا الأقصىى محتلا للأن .

 وأخيراً أذكر بقول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم “من أراد منكم أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس”؟!