إستهداف الإعلام جريمة وطنية / أسامة طارق الزعبي

كنانة نيوز – مقالات –

كتب رئيس التحرير أسامة طارق الزعبي

 إستهداف الإعلام جريمة وطنية

حكومات متعاقبة تتوارث الفشل والتخبط والجباية ، وبارعة في خلق الأزمات ، فبعد تدمير وتراجع معظم قطاعات الدولة وإدخالها غرف الانعاش ، والضحية بالتالي المواطن الأردني ، حتى بات فقيرأً مقهوراً لا يفكر ألا بلقمة عيشة ، جراء السياسات الحكومية المتخبطة ، والنتائح مزيد من الفقر والبطالة والجريمة والتفكك الاسري والاجتماعي وفقدان الأمن والأمان ، والحكومة كالعادة الهروب للأمام وافتعال الأزمات الداخلية وعلى كل الجبهات لتغطية فشلها فبعد قضية المعلمين والاحزاب والنواب  ها هي تستعدي  الإعلام والمواقع الإخبارية الرسمية المستقلة.

إن اصدار الحكومة لمشروع نظام معدل لنظام رسوم وبدل ترخيص المطابع ودور النشر والتوزيع والدراسات والبحوث ،ودور قياس الرأي العام ودور الترجمة ومكاتب الدعاية والإعلان والمطبوعات الدورية،والتي تضمنت مسودة مشروع النظام فرض رسم سنوي مقداره (500) دينار عند تجديد رخصة المطبوعة الالكترونية أمر غير منطقي وغير مبرر هدفها الجباية وخنق الحريات وتصفية بعض المواقع وخفض صوتها ، والقضاء على التنوع في الصحافة الإلكترونية !!.

نسيت أو تناست الحكومة أن تقّدم الدول والأمم يقاس بحرية صحافتها وإعلامها ، لأن الإعلام هو السلطة الرابعة في مقياس الشعوب الحية ، وهو من يحرك ويثير القضايا الراكدة ، ويؤشر على أماكن الخلل والترهل والفساد وتسليط الضوء على قضايا الوطن والمواطن،لتشكيل رأي عام واعٍ ومنضبط ومتزن أمام كافةالقضايا الوطنية لاتخاذ القرار المناسب لأن الإعلام دائماً وأبداً ركن رئيس في صنع القرار.

نعلم يقيناً أن الهدف معروف وهو تصفية ممنهجة للعديد من المواقع الإخبارية المستقلة ، واسكات صوت بعضها  وارهاقها مادياً وهي التي تعاني أصلاً من أوضاع مالية قاسية وصعبة، وخاصة في ظل جائحة كورونا  وصنفت مؤخراً بالقطاعات المتضررة. 

نسيت أو تناست الحكومة والمنظرين الجدد في الإعلام أن الفضاء الالكتروني أصبح مفتوحاً  ومتاحاً للجميع في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة ، واصبح العالم قرية صغيرة والتضييق على المواقع الاخبارية المرخّصة لن تجدي نفعاً ، لأن الكثير من المواقع الإخبارية المستقلة تحمل رسالة إعلامية وطنية شريفة، ستبقى تحملها رغم كل الظروف والجبايات الظالمة والمقززة .

الحكومات دائماً وابداً  تتغنى بدعم الإعلام وحريته ، ويضيق صدرها من مقال هنا وهناك وتتحدث عن إصلاحات سياسية مبشرة بالخير ،وبنفس الوقت تحارب الإعلام وتستقوي عليه ، هكذا هي حكوماتنا ” يقولون مالا يفعلون”.

أي نهج وتفكير هذا ؟ ومن صاحب هذه القرارات العبقرية بمحاربة المواقع الإخبارية المستقلة  ؟ في حين يعج الفضاء الالكتروني بألاف الصفحات التجارية الغير مرخصة دون حسيب أو رقيب !! نعم نتفق على تنظيم قطاع الإعلام  ولكن دون أي أستهدفات تؤثر وتنال من المواقع الاخبارية التي هي أصلاً تعمل ضمن القوانين الناظمة.

 

إن اختلاق الأزمات بين الحين والآخر لن يطيل بعمر أي حكومة ،فالأزمات الداخلية كثرت وتعددت وأوجعت وعلى الحكومة حل هذه الأزمات لا خلق ازمات جديدة ، لأن التاريخ لايرحم ،ومحاربة الإعلام جريمة وطنية وضرب من الجنون ولن تأتي أكلها ، وسيبقى الوطن مليئ بالاقلام الحرة الشريفة التي ستقلق مضاجع الفاسدين وكل المنظرين الجدد في الإعلام .