الكتابة عن الوطن / أكرم الزعبي 

الكتابة عن الوطن
أكرم الزعبي
عندما يتعلّق الأمرُ بالوطن تأخذُ الكتابةُ شكلاً آخر ولوناً آخر، تأخذُ شكل الحب، ولون الانتماء، تأخذُ شكل العلاقة بين الأب وابنه، أو الأم بابنها، وقد تأخذُ أيضاً شكل العلاقة بين الصديق وصديقه.
عندما تكتبُ عن الوطن فأنت تكتبُ بمحبةٍ أحياناً حين يكونُ الوطن معافى، وبأسىً أحياناً حين تراه يعاني داءً ولا يكون بمقدورك أن تفعل شيئاً سوى الإشارة إلى مكان الداء.
في كثيرٍ من الأحيان، يكونُ الدواءُ واضحاً مكشوفاً، تشيرُ إليه، تقولُ لأصحاب القرار هذا هو الدواء، يستجيبون أحياناً، ولا يستجيبون أحيانَ أخرى كثيرا.
الكتابةُ للوطن وعن الوطن، تشبه شرب الدواء المرّ، تشربه مضطراً لكي تنعم بالعافية، وكذا فعلُ الكتابة عنه، تكتبُ أحياناً بقسوة، لكن لا لإنك لا تحبه، أو لتنتقص منه، بل لإنّك تحبّهُ كثيراً، فتكون مضطراً للقسوةِ علّ الصوت يصل، وعلّ من بيده الدواء يسقيه له.
الكتابةُ عن الوطن ليست بالضرورة أن تكون كتابةً عن المكان وحده، أو عن الناس في أماكنهم، في مدنهم وقراهم ومخيماتهم وبواديهم، الكتابةُ عن الوطن كتابةٌ عن أخلاق وسلوك يمارسه الناس وأصحاب القرار، كتابةٌ عن المرفق العام والموظفين العموميين في أماكن عملهم العامة، كتابةٌ عن القطاع الخاص تماما كما القطاع العام، لإنهما جناحا الوطن الذي يسمو به حين يكونان على قلبٍ واحد.
الكتابةُ عن الوطن مسؤوليةٌ وواجبٌ على من يرفعُ قلمه للكتابة عنه، واجبٌ يأخذُ شكل الأمانة كي لا تتغلب مصلحةٌ شخصيةٌ على مصلحة الوطن المقدّمة على كل شيءٍ عند ذوي الأقلام الجادة، والضمائر الحيّة التي لا تُشترى مهما كان الثمن، لإنّ الوطن لم ولن يكون يوماً بثمن.