الجاذِبيات العِمرانية التراثية في مدينة إربد/ فريال بني عيسى

كنانه نيوز –

الجاذِبيات العِمرانية التراثية في مدينة إربد

فريال بني عيسى

تل اربد الاثري بقيمته الاولى والتي تعود الى (3200) قبل الميلاد وبمساحته الاجمالية التي لم تتجاوز ال (200) دونم. يعتليه عدد من الجاذبيات العمرانية التراثية وغير الاثرية والتي ظهرت بذاك الحس الجمالي الذي رافقته قيمة معنوية ومادية عززت من اهميتها منطلقة من عراقتها وتصميمها ووظيفتها في تلك الفترة والتي تعكس بمجملها اوجه الحياة المختلفة من سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وعلمية غير متجاهلين لوظيفتها الروحية.
وهذه الجاذبيات العمرانية تجلت في المباني التالية ( دار السرايا العثماني ,مبنى الحاج جمعة ,مسجد اربد الكبير, بيت عرار ,مدرسة حسن كامل الصباح ,كنيسة الروم الارثوذكس ,بيت علي خلقي الشرايري وبيت اسماعيل النابلسي).
وتشير الخصائص المعمارية لهذه المباني التراثية في اربد الى وجود ارتباط معماري مشترك على المستويين الاردني والعربي فيما بينهما كاستخدام الطابع الشامي في تصميم العديد منها وتسخير البيئة في فنون العمارة بشكل واضح والذي قد يكون مرده الى الاعتقاد بقدرتها على التعايش مع عناصر البيئة التي تعتبر صنيعة لها اكثر من المواد التي يمكن جلبها من الخارج مثل الحجر البازلتي الاسود والذي لا يكاد يخلو احد من هذه الأبنية من استخدامه بالإضافة الى استخدام القش والطين والقصب.

كما ان تعدد مداخل هذه الابنية قد يكون مرده في بعض الاحيان الى بعض القيم السائدة آنذاك والتي تتجلى بعزل المدخل الخاص بالرجال عن المدخل الخاص بالعائلة ككل, وفي احيانا اخرى فأن تعدد المداخل جاء لأداء وظائف أمنية كما هو الحال بمبنى دار السرايا العثماني والذي خصص فيه احد البوابات ليكون كمخرج للطوارئ.
وبرغم اختلاف الفترات الزمنية لولادة هذه المباني فأننا نلاحظ انتظامها والتقائها في النمط والتصميم المعماري مع وجود بعض الاختلافات البسيطة التي قد يكون مردها الى الهدف الذي انشئ من أجله هذا البناء او ذاك كما هو الحال في كنيسة الروم الارثوذكس التي جاء تصميمها على هيئة الصليب اسوة بنهج الكنائس البيزنطية وبناء الحاج جمعة الذي تميز بوجود ثلاثة ادوار فكان الوحيد على مستوى مدينة اربد آنذاك.
كما ان جدران تلك المباني جاءت بحجم كبير وسميك لغايات التكيف مع تقلبات الطقس من حرارة وبرودة وقد تشكلت في معظمها من الحجر الاسود البازلتي شبه المهذب والحجر الابيض القرطيان الذي تخلله في بعض الاحيان الحجر الوردي في بيت جمعة وعرار وطغيان الحجر الاسود على الابيض في بعضها الاخر مثل مبنى مدرسة حسن كامل الصباح فكل مدماكين حجر الاسود يقابله مدماك من الحجر الابيض والسبب هو سهولة جلب الحجر الاسود لكونه من نفس الموقع في حين كان يتطلب جلب الحجر الابيض السير لمسافات طويلة خارج حدود المدينة. علما بأنه لم يقتصر استخدام الحجارة للجدران بل كانت المادة الاساسية في رصف ارضيات الباحات السماوية لكثير من هذه المباني والتي مازالت ماثلة الى الان كما هو الحال في بيت عرار. اما المادة المالئة بين الحجارة فقد تمثلت في مادتي الشيد والطين المخلوط بالقش او التبن بهدف زيادة تماسكها وبذات الوقت يسمح لها بالتمدد وامتصاص الحرارة والبرودة.

أما فيما يخص اعداد السقوف فقد مرت بمراحل اعداد السقوف فقد مرت بمراحل ارتبطت بنوعية المواد المستخدمة واليات اعداها وانشائها ابتداءا من تحميل السقوف على قناطر حجرية مدعمة بالجسور الخشبية او الحديدية تعلوها اعواد القصب والموضوعة باتجاهين طولي وعرضي ليصار الى ربطهما فيما بعد بخيطان المصيص النباتية تعلوها طبقة الطين المخلوط بالتبن والتي استبدلت فيما بعد باستخدام الخلطات الاسمنتية التي تعلو الجسور الخراسانية.
وقد ظهرت نماذج متعددة للسقوف في مبنى دار السرايا العثماني حيث تجدها مرة محمولة على عقود برميلية ومرة اخرى على عقود متقاطعة وهي من الاسقف الخشبية او القرميد الفرنسي الى ان وصلت الى استخدام الاسقف الاسمنتية المدعمة بجسور معدنية.
وقد تخلل الواجهات الامامية لبعض المباني شرفات مختلفة الشكل والمساحة كما هو الحال بشرفة الطابق الثاني ذات المساحة الممتدة وبشكل مستطيل وعلى مدى ثلاثة ارباع الواجهة الامامية لبناء جمعة والتي جاءت اكبر بثلاث مرات من الشرفة التي تعلوها وتتقدم الطابق الثالث من ذات المبنى والمطلة على شارع الهاشمي مباشرة, وقد ظهرت شرفات هذا المبنى مسيجة بقضبان حديدية في حين ظهر البعض الاخر بسياج حجري كما هو الحال بالشرفة الخاصة بيبت الشرايري .

اما فيما يخص الابواب والنوافذ فقد اتخذت اشكالا مختلفة من بناء الى آخر واحيانا تجد الاختلاف في البناء نفسه فهناك شبابيك وابواب ذات اقواس نصف دائرية وتارة تجدها أقواس مدببة وأحيانا قد تظهر بشكل مستقيم, وهنا لابد لنا أن نؤكد على أن كل الفتحات التي ظهرت من خلال الجدران سواء كانت ابواب وشبابيك أو شرفات عملت على إضفاء الطابع جمالي زخرفي بالجدار غير متجاهلين للدور الوظيفي الذي قدمته تلك الفتحات من حيث توزيع الضوء والهواء.
ويلاحظ أن هذه الابنية في معظمها تتوسطها باحة سماوية واحدة أو اكثر تجود على البيت بقدر من الضوء والتهوية وفي الغالب يكون الفناء داخليا محاطا بسياج حجري مرتبط ببوابة خارجية للمبنى علما بأن هذه المباني صممت بمدخلين او أكثر كما هو الحال ببيت النابلسي ذي الاربعة مداخل احدهما جاء في مقدمة البناء وقد خصص للرجال في حين خصص الاخر للعائلة ويأتي في مؤخرة المنزل.
وسنتعرض لهذه المباني كل على حدا على الشكل التالي:
_ مبنى دار السرايا العثماني
وهو من اقدم المباني التراثية القائمة على تل اربد الاثري والذي اقيم على انقاض قلعة قديمة وبحسب النقش الذي يعلو البوابة الرئيسية فأنه يؤرخ الى ( ١٨٨٦) بزمن السلطان عبد الحميد الثاني ليكون مقرا للحاكمية العثمانية آنذاك بغرض مراقبة طريق الحج الشامي، وقد استخدم الطابق السفلي كإسطبل بدليل وجود معالف للخيول في حين استخدم الطابق العلوي للادارة وكمقر اقامة للحاكم العثماني في المنطقة.

وفي مرحلة لاحقة تم استخدام البناء من قبل امارة شرق الاردن كمركزللشرطة والدرك قبل ان يتم استخدامه كسجن من قبل مديرية الامن العام في خمسينيات القرن الماضي وبقي كذلك حتى ١٩٩٥ عندما تم استملاكه من قبل مديرية الاثار العامة بغرض تحويله الى متحف لعرض اللقى الاثرية ليكون بمثابة المرأة العاكسة لتاريخ المحافظة، وقد خضع لعمليات الصيانة والترميم من قبل فريق علمي متخصص من دائرة الاثار حيث افتتح كمتحف في العام ٢٠٠٧ من قبل رئيس الوزراء آنذاك معروف البخيت.
ويذكر بان البناء اقيم على مساحة تقدر ب (٤٠٠٠م٢) موزعة على (١٤٠٠م٢)للطابق السفلي و (١٢٥٠ م٢) للطابق العلوي في حين كانت مساحة الباحة السماوية الداخلية تقدر ب (٤٠٠م٢) وجاءت مادة البناء معظمها من الحجر الاسود البازلتي التي شكلت مانسبته ٨٠% بالإضافة الى الحجر الجيري وحجر الصوان ، كما تنوعت الاسقف منها البرميلية ومنها المدعمة بجسور حديدية ومنها القرميدية تعكس المراحل المختلفة التي شهدها هذا البناء.
بيت جمعة العطار

انفرد بيت جمعة بخاصية الثلاثة أدوار انشئ في العام (1930م) وبمساحة اجمالية تقدر ب(250م2) والمقام على كامل الأرض المطلة على تقاطع الهاشمي مع شارع بلال والذي شكل بعدا تجاريا ساهم في تحريك عجلة الحياة الاقتصادية آنذاك وغيًر في نمطيتها فأسند الى هذا البيت مجموعة من الوظائف بدأت ببيع العطارة فكانت الاولى ليس على مستوى مدينة اربد فقط بل تعدته لتطال كامل إمارة شرق الاردن مرورا بتسخير طوابقه كنوادي رياضية وثقافية وانتهاءا بها كنزل يأوي تلك الفئة العابرة من التجار والفلاحين لبضعة أيام ريثما تنجز أعمالها. وقد اختار الحاج محمود جمعة السوري الأصل وعلى غير عبثية هذا المكان لإقامة المبنى ليتسنى له ممارسة تجارته من خلاله بعد أن كان يقوم بها من على ظهور الخيل كتاجر جوال ما بين البلاد خاصة و ان اختياره هذا انبثق من دراسة اقتصادية لواقع المكان والإنسان فكان عباره ممر لفئة التجار القادمين من الشام الى فلسطين والجزيرة العربية حيث كانت دمشق ونابلس تشكلان مركز التجارة آنذاك, يقابل ذلك غنى المنطقة نفسها بالمحاصيل الزراعية والتي تشكل في مضمونها محور الحياة الاقتصادية في تلك الفترة , لذا جاء البناء بشكله المستطيل والمكون من الحجر الوردي الفاتح للواجهتين الشمالية والغربية والذي تم جلبه من منطقة الشلالة الواقعة على الحدود السورية الاردنية, أما الواجهتان الخلفيتان فقد بنيت من الحجر الاسود البازلتي المحلي, وفيما يخض السقف فقد استخدم الكورنيش على دائر البناء كما استخدمت الأعمدة المزخرفة والتي يعلوها تاج من الاعلى أما الجدران فقد تم تغطيتها من الداخل بمادة الشيد( القصارة) في حين احضر البلاط الخاص بأرضية المبنى من سوريا.

هذا , وضم الطابق الارضي مجموعة من المحلات التجارية وعلى امتداد الواجهتين الشمالية والغربية والتي خصصت لبيع العطارة بأنواعها المختلفة فإذا ارتفعت الى الطابق الذ يعلوه فنلاحظ بأنه انقسم إلى جزئين ارتبط كل واحد منهما بمدخل منفصل عن الآخر حيث جاء احدهما مكون من ثلاث غرف بينهما ممر في حين جاء الجزء الاخر بأربع غرف وصالون وممر هذا بالإضافة الى مرافق كل شقة منهما وهذا الشكل المعدل للطابق الثاني وقد خلفه تصميم اخر في فترة لاحقه جاء كاستجابة تلقائية للوظيفة الجديدة اسندت اليه, حيث خصص قسم منه كناد رياضي وثقافي واجتماعي في حين احتفظ القسم الاخر بوظيفته كفندق.

أما الطابق الثالث وان اتفق مع الطابق الثاني بمساحته الا انه خالفه بالتصميم فقد ضم سبعة غرف موزعات على ثلاث شقق ذات مداخل منفصلة لتنسجم مع استخداماته كفندق والذي كان يسمى بفندق (غازي) وقد تناوب على ادارته مجموعة من ابناء المدينة امثال ذيب سريان حتاملة وجهاد عبد الرحمن حجازي وقد كان نزلائه من فئة التجار القادمين الى اربد ومتجهين الى الجزيرة العربية وللفلاحين القادمين من ضواحي اربد والقادمين بغرض بيع منتجاتهم أو استبدالها بأخرى, ألا أن هذا البناء لم يبقى يستخدم كفندق طوال هذه الفترة حيث ارتأت عائلة جمعة تحويله كمسكن لهم وبمعدل عائلتين في كل طابق, وبقي هكذا لفترة قريبة الى أن هجرته العائلة.
أما الان فقد استملك البناء من قبل بلدية اربد لاستخدامه كمعرض للحرف التقليدية او كمركز تعليمي مع الابقاء على محلات العطارة التي اشتهر بها هذا البناء.

مسجد اربد الكبير
منذ أن شيد هذا الصرح وهو يتخذ بعدا دينيا كبيرا وعميقا في نفوس مسلمي هذه المدنية الذين يشكلون الغالبية العظمى من السكان وقد خصص لإشباع حاجاتهم الروحية غير متناسين الوظيفية التعليمية لمختلف ابناء المجتمع المحلي على الرغم من ان المسجد ومن المراحل الاولى لتأسيس الدولة الاسلامية بقي مكانا للعبادة ومركزا للحياة السياسية والاجتماعية للدولة ولكن منذ دخول المرحلة العثمانية فقد اقتصر على اداء شعائر العبادات اضافة الى بعض الكتاتيب الملحقة ومسجد اربد الكبير الذي يتوسط مركزها التجاري ومنذ انشئ في اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين, وقد تنوعت المواد المستخدمة في تشيده بتنوع مراحل البناء فبينما استخدمت الاسقف الطينية والحجرية من العقود العثمانية في بناء قاعات الصلاة ذات الابعاد (12× 12) نجد أن الاعمدة والاسقف تم استبدالها بأعمدة واسقف خراسانية عام (1941) بالإضافة الى تدعيم الواجهة الامامية بإضافة طبقة من الحجر.

كنيسة الروم الارثوذكس

تعود بدايات هذا البناء الى (1870) حيث شهد هذا التاريخ أول عمران للكنيسة وقد كان حينذاك على نفقة بطريركية الروم الارثوذكس في القدس, بمعاونة ابناء الطائفة الذين يقطنون في نفس المنطقة والذين لم يتجاوز عدد هم بضعة مئات وقد كانوا لجأوا اليها طلبا للأمن وهربا من بعض المضايقات التي لحقت بهم في بصرا وحوران وعكا وصيدا وقد كان احداها هجرة الحرفيين والتجار المسيحيين احتجاجا على الضرائب.

اما البناء فقد كان مؤلفا من طابقين من الطين والحجر وجذوع الشجر حيث خصص الطابق الارضي كسكن لمن يقومون على خدمة الكنسية في حين خصص الطابق الثاني لإداء الشعائر واقامة الصلوات, ويذكر بأنه كان يقوم على خدمة الكنسية وحتى عام (1904) خدام كهنة يونان الى ان تسلمها احد ابناء المنطقة ويدعى الخوري عبد الله مرجي والذي استمر بعمله حتى خمسينيات القرن الماضي. وقد هدمت الكنيسة القديمة وانش~ على انقاضها كنيسة حديثة من الحجر الابيض العجلوني وغاب عنها الحجر الاسود البازلتي المحلي اذ استمرت عملية البناء اربع سنوات منذ (1950 – 1954) وذلك بحسب ما ورد في النقش الذ يعلو بوابة قاعة الصلاة في مقدمة الطابق الثاني ويذكر فيها ايضا اسم البطريرك الذي بنيت الكنيسة في عهده وهو بيريوس كيريوس تموثاوس بطريرك القدس 1953وقد بنيت بالتعاون ما بين ابناء الطائفة الارثوذكسية في المنطقة مع البطريركية المقدسية, غير أن مرحلة اعمار صحن الكنيسة جاءت في فترة متأخرة تحديدا في (1970 – 1973) وقد رافقها اجراء عمليات صيانة وترميم لدرج المدخل الشمالي. وتجدر الاشارة الى ان الكنيسة اتخذت كلا معماريا مختلفا عن باقي الابنية وذلك نظرا لارتباطاته الدينية حيث جاء البناء على النمط الكنسي البيزنطي متخذة شكل الصليب,
علما بأن الكنيسة لم تكن بمنأى عن الحياة بمختلف جوانبها وقد حافظت على انخراطها بالمجتمع كما ساهمت بدعم العملية التعليمية عندما خصصت الطابق الاول كمدرسة ابتدائية من العام (1953 وحتى 1972) الى ان تم تخصيصه للنشاطات التي يقيمها ابناء الطائفة الارثوذكسية بعد ان تم تهيئته كمسرح, اما الطابق الثاني والذي تصل اليه من خلال درج مكشوف فأنه مؤلف من غرفة امامية ويستخدم كموزع يوصلك من جهة بالغرفة الخاصة بجرس الكنيسة اما الباب الاخر فانه يوصلك الى القاعة التي تقام بها الصلوات والمؤلفة من قسمين قاعة كبيرة تسمى بصحن الكنيسة تتقدمها غرفة قدس الاقداس اي (الهيكل) وهو المكان المخصص فقط للكاهن وذلك بحسب ما افادنا به الاب الخوري عبد الله مرجي.
بيت عرار
وهو البيت الذي يحمل اسم شاعر الاردن (عرار) ويقع في الجهة الجنوبية من تل اربد تلك المدينة التي تغنى بها في الكثير من اشعاره وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر( فأقم بإربد لا تغادر ساحها الا الى القبر الذي فيه تقبر)
والبيت في الاصل من بناء والده السيد صالح المصطفى التل الذي شيده في اوائل القرن التاسع عشر ومنذ تلك الاثناء بقي شاهدا للعديد من المناسبات التاريخية والادبية كان اولها ولادة الشعر مصطفى وهبي التل (1897- 1949) انتهاءا بتحويله الى صرح ثقافي من قبل وزارة الثقافة عام (1994) ليتابع دوره في رفد الحركة الفكرية والثقافية في اربد والتي سنأتي على ذكرها لاحقا مرورا بالفترات التي تعاقب استخدامه فيها كسكن لضابط انجليزي ( سمر ست) احيانا وكمستشفى وعيادة للطبيب الانجليزي الهندي الاصل ( سنيان) ثم سكن وعيادة للدكتور صبحي ابو غنيمه ثم استخدم كمدرسة (العروبة الابتدائية) التي أسسها السيد محمود ابو غنيمه وانتهاءا باستخدامه كسكن للعائلة.
ويتكون البناء من سبعة غرف يتوسطها فناء سماوي يتضمن عددا من الممرات واحواض تنمو فيها الاشجار والازهار لإضفاء الطابع الجمالي حيث يتميز البناء بالطابع الشامي حاله كحال كثير من الابنية التي عاصرته في الزمان والمكان.
اما عن مادة البناء فقد كانت من الحجارة البازلتية السوداء بالإضافة الى الحجر القرطيان ذو اللونيين البرتقالي والتي تستند بدورها الى اسقف من القصب وجسور حديدية بينما يتمازج كل من الحجر والطين والقش لتشكل بمجملها جدرانه الداخلية حيث ما زالت هذه الغرف تؤدي مجموعة من الادوار نذكر منها, غرفة عرار وتضم الوثائق المصورة للشاعر مع العائلة المالكة ورجالات الاردن ومكتب خاص بالشاعر مع مقتنياته ثم غرفة الارشيف والتي تضم مخطوطات الشاعر وكتاباته والدراسات المحلية والعربية لتجربة عرار الابداعية.
وما زال هذا الصرح التراثي الثقافي حتى يومنا يواصل رسالته ومن ابرزها تحويله الى متحف للحياة الادبية في الاردن بما في ذلك مأثورات الشاعر عرار وتفعيل الحركة الثقافية في محافظة اربد من خلال انشطة بيت عرار وابراز الطراز المعماري للبيت كمعلم اثري يعود لاواخر القرن التاسع عشر او حتى من خلال النشاطات السنوية التي تقام به ومن ابرزها مهرجان عرار الشعري السنوي ومعارض الفنون التشكيلية والكتب والوثائق والصور ومعارض تطور القوات المسلحة الاردنية واستقبال البيت لفعاليات مهرجان الشعر العربي

الذي ينظمه منتدى الرمثا واعارة الباحثين والدارسين والمهتمين للكتب والوثائق التي تتعلق بالشاعر وغيرها الكثير من الانشطة التي تندرج تحت هذا الباب.
المدرسة الرشيدية مدرسة حسن كامل الصباح

واحدة من اهم المباني التي اقيمت على تل اربد الاثري بهدف نشر العلم والمعرفة لدى ابناء المنطقة, وتعود بدايات هذا البناء الى (1900م) وكانت تسمى انذاك بالمدرسة الرشيدية وقد انشئت من قبل مجلس المعارف لولاية دمشق بعد عدة مراسلات لاهالي اربد مع المسئولين لدى الادارة العثمانية وكانت مؤلفة من ستة غرف صفية يديرها الاستاذ اسماعيل شركس وقد تخرج مجموعة من اشهر رجالات اربد وعلى رأسهم شاعر الاردن مصطفى وهبي التل.
وقد اعيد تأسيس هذه المدرسة في عام (1958) بمساحة تبلغ (213م2) وكانت بادارة الاستاذ قاسم الغزواي وقد ضمت بين جدرانها ثمان شعب صفية سبعة منها للصف الرابع الثانوي وشعبة واحدة للصف الثالث الثانوي حيث بلغ مجموع طلابها انذاك ( 376).
اما فيما يخص تسمية المدرسة باسم حسن كامل الصباح فقد جاء نسبة الى المخترع اللبناني الاصل المولود في عام (1894) وصاحب اختراعات علمية غير مسبوقة في مجالات الفيزياء والاحياء والكيمياء والرياضيات وهو الذي عرف باسم أديسون الشرق.
والبناء من وجهة نظر معمارية فقد مر بعدة مراحل مدللين على ذلك باختلاف المواد المستخدمة فيه, فهو بناء حجري مكون من طابق واحد اذ تستطيع الدخول اليه من خلال عشر درجات حجرية تؤدي بك الى المدخل والذي يعمل كموزع يوصلك من جهة بغرفة المعلمين ومن جهة اخرى بغرفة الادارة والسكرتاريا وتستطيع الدخول من خلال هذا
الموزع الى الساحة الرئيسية. علما بأن البناء بمجمله مكون من ثلاث عشرغرفة مختلفة المساحات.

مبنى علي خلقي الشرايري

بناء يتربع على مساحة من الارض تقدر ب(180م2) ويشغل منها ما مساحته (125م2) حيث نسج هذا البناء خيوط الخارطة السياسية والاجتماعية على المستوى المحلي والاقليمي منذ أسسه السيد علي خلقي الشرايري (1882 – 1960).
ويظهر البناء بطراز معماري ذي الطابع الشامي حيث يتضمن طابقين على شكل حرف ج بالإنجليزية وهو النمط الذي كان يسمى قديما بالعلالي ويطل الطابقان على ساحة داخلية ، بالإضافة الى اطلاله واسعة ومكشوفة الى الخارج, ويلاحظ كثرة استخدام الفتحات المستطيلة , وتتوزع غرف البناء على الطابقين بمعدل ستة غرف مع ساحة مفتوحة في الطابق الاول بالإضافة الى ستة غرف اخرى في الطابق الثاني حيث يربط بين الطابقين درج مكشوف, جدران البناء من الحجر الاسود البازلتي بسماكة (40سم) يتخللها مجموعة من الابواب والشبابيك التي تعتليها الاقواس تسند بمجملها سقف وظفت في بنائه المقاطع الحديدية لتخط معلما تراثيا كان شاهدا على حقبة تاريخية حافلة ونشاطات سياسية كان ابرزها انعقاد اول مجلس وزاري فيه وزيارة الامير عبدالله واللواء تشرشل, وقد يكون بذلك أدى الدور الذي انشئ من اجله ليكون مصنعا تحاك في ثناياه خيوط التاريخ وعن ذلك يخبرنا السيد علي خلقي الشرايري في معرض مذكراته ” اتخذت في منزلي هذا واعضاء حكومتي العربية قرارا بتوجيه كتاب لمأمور الاراضي هنا والحاجة لوضع اشارة على جزء من حوض الحجر ليصار الى بناء جامعة لأبناء الاردن خاصة والعرب عامة تسمى جامعة اليرموك الاردنية في ايلول 1950 لأنها تقع بين سوريا وفلسطين ولبنان ” وقد قامت بلدية محافظة اربد اربد بإجراء
عمليات الصيانة والترميم لهذه البناء بعد ان استملكته بهدف تحويله الى متحف للحياة السياسية التي عاشتها الاردن في تلك الحقبة.

بيت النابلسي
بيت النابلسي واحد من اهم الجاذبيات العمرانية على تل اربد والتي مازالت قائمة الى الان, ويعود بتاريخه الى اوائل العشرينات من القرن الماضي وتحديدا منذ (1922). وقد ظهر هذا البناء بتصميم مماثل للبيوت الشامية كان قد انشئ لغايات السكن على مساحة من الارض تقدر ب (228م2) من قبل مالكه الحاج اسماعيل حسن النابلسي. ويتكون من طابقين من الحجر الاسود البازلتي المحلي والذي ظهر منحوتا بالنسبة للواجهات الخارجية, انفرد هذا البناء عن باقي المباني المتواجدة على التل باحتواء الباحة السماوية على نافورة مياه وظهر بجانبها شجرة ليمون كبيرة الحجم اضفت مسحة جمالية على البناء ولم تقتصر الجماليات على هذا الحد بل ظهرت مرة اخرى باستخدام الزجاج الملون على النوافذ الخارجية والداخلية المطلة على الفناء يتقدمها شبك حماية من الحديد, اما تصميم الابواب والنوافذ فقد بدت تعلوها الاقواس النصف دائرية اما تصميم الاسقف فقد قام على استخدام الجسور التي تعلوها طبقة الطين المخلوط بالتبن كما تعرضنا له سابقا.
ويذكر بأن هذا البيت كان له اربعة مداخل ثلاثة منها في الجهة الشرقية ومدخل رابع في الجهة الجنوبية. والبناء بطابقيه مكون من اربعة عشر غرفة تم توظيفها لأغراض مختلفة في فترات لاحقة كان احداها استخدامها كمدرسة للبنات ليساهم في رسم الخارطة التعليمية في مدينة اربد آنذاك. علما بأن البناء حاليا تم استملاكه من قبل بلدية اربد وخضع لعمليات الصيانة والترميم لغايات استخدامه كمعارض فنية وثقافية تتناسب وطبيعته وقيمته التراثية.