ما بين القول والفعل.. هل خرج الاردن من “البيروقراطية الوظيفية”؟! / عدنان نصار

كنانة نيوز –

ما بين القول والفعل.. هل خرج الاردن من “البيروقراطية الوظيفية”؟!

عدنان نصار
النقد الصحفي ، والاجتماعي لعمل مؤسسات رسمية والدوائر التابعة لها ، في اتباعها “البيروقراطية” الوظيفية و”الروتين الوظيفي” لا ينتهي ، بل تتسع دوائر النقد لمؤسسات اردنية عديدة غير قادرة على الخروج من دائرة “بيروقراطية الوظيفة” والدخول في مربعات العمل والفعل والإنجاز.
على الرغم مما نسمعه من تصريحات لكبار المسؤولين الاردنيين في مختلف المواقع الوظيفية ، والحث على ضرورة إنهاء بيروقراطية العمل وترك الروتين الوظيفي ، وتحسين مستوى الأداء الوظيفي بما يخدم الصالح العام للمواطنين ..كل هذه التصريحات في “واد” وتفاعل الموظفين في غالبيتهم ، وتفعيل الدور الوظيفي في “واد” آخر ..،فلا المواطن الذي يراجع الدوائر الرسمية لإنجاز معاملة ما قادر على فهم الآلية في عمل الموظفين، ولا غالبية الموظفين من فئة “الكبار والمتوسطة والصغار “قادرة على التفاعل بتأدية دورها على أكمل وجه ، لأسباب لا تبدو مقنعة مطلقا.
تتسع الهوة بين الموظف والمواطن ، لدرجة انها تكون في كثير من الاحيان علاقة “نافرة وطاردة” مما تدفع بالمواطن المراجع إلى الاحتكاك اللفظي ربما مع الموظف ، و”التمتمة” التي لا يفهم منها سوى عدم الرضا والسباب ..اتساع الهوة يؤد بالنتيجة إلى اضعاف الانتماء، وأن تحدث انفصال بين قيم التعامل الوظيفي والدور المناط بها لخدمة الناس ، وبين السلوك والقيم الاخلاقية الاجتماعية ، وانفصال مماثل في التعامل بين الموظف والمواطن ، وفقدان التواصل الايجابي.
واتساع الهوة بين القول والفعل عند الجانب الرسمي ، قد ينهي العلاقة الودية الإنسانية بين الآمر والمأمور ..المامور الذي يتلقى تعليمات وظيفية من مسؤوله المباشر بضرورة اعتماد هذه الطريقة في الأداء الوظيفي “البيروقراطي” التي يكرهها المواطن من جهة وغير مبررة من جهة أخرى..فالسلوك الوظيفي لا يعني السكوت عن أداء الخدمة المحترمة للمواطن طالما انها في مظلة القانون والمسموح ..لكن ، للأسف البعض من الموظفين وهم كثرة يستندون إلى سياسة “مرمطة” المواطن المراجع لأسباب بيروقراطية ومزاجية عند ذات الموظف الذي “أمن جانب العقاب”، بل على العكس ربما يتم ترقيته وظيفيا رغم عدم تأهله لهذه الترقية لا من حيث الأداء الوظيفي ، ولا من حيث سلوكه مع المواطنين داخل الدوائر الرسمية.
المحافظات الاردنية ، والويتها، والمناطق النائية ، هي الأكثر تضررا من هذه “البيروقراطية” السيئة ، وهي الأكثر حضورا في هذه المناطق ..هذا لا يعني إعفاء مؤسسات رسمية في العاصمة عمان من وجود البيروقراطية الوظيفية ، بل هي موجودة أيضا لكن بنسبة أقل ربما ،لأنها واقعة تحت المجهر في الرقابة.
مجهر الرقابة في المحافظات والالوية والمناطق النائية ، غائب وان حضر المجهر الرقابي ، فهو واقع تحت تأثير العلاقات الاجتماعية التي قد تحجب الرؤية عن مجهر الرقابة في الأداء الوظيفي.
هذا الغياب في الربط بين القول والفعل الرسمي ، ينتج غياب للثقة عند الناس ، بل ينتج ما هو أخطر من ذلك (ضعف الانتماء)..وإدخال الناس في نفق ضيق تزيد من حالة “التمتمة” المبنية على “السباب ” غير مفهوم بمفرداته لكنه مفهوم جيدا بردات فعله الغاضبة شعبيا ..،وأحيانا يتم توظيف “السخرية والنكات” للتعبير عن حالة “الزعل الشعبي” الناتجة عن غياب الربط بين القول والفعل الوظيفي.
ولست أزعم انني اقول جديدا ، اذا قلت : ان غياب الثقة الكلية او الجزئية من لدن المواطن ، لم تأت من فراغ ..فيكفي “للمتسوق الخفي” الذي جاء فجأة واختفى فجأة قبل نحو سنتين في الاردن بعد أن اعتمدته جهات رسمية لقياس مستوى الأداء الوظيفي في الدوائر الرسمية ..يكفي لهذا “المتسوق” الغائب راهنا ان يعود إلى نشاطه ويرصد الأداء ومستوى الخدمات التي تقدم للناس وكيف تؤدى..واظن ، ان الجلوس في “كوردور” دائرة رسمية لراصد او صحفي او المتسوق الخفي ، لمدة نهار وظيفي ، كافية لان يخرج بتقرير موجع عن طبيعة الأداء، وربما سيختتم تقريره بعبارة “كان الله في عون الناس..وحزاهم الله خيرا على صبرهم”.
جملة من الحالات في غير دائرة رسمية خدمية اردنية تبعث على الأسى ..فبعض الموظفين يتصرفون على ان الدائرة الرسمية هي “بيت الي خلفوهم” او ان المواطن المراجع للدائرة الرسمية كأنه يراجع “مضافة عائلة الموظف” ناسيا او متناسيا انه موظف لخدمة الناس أثناء ساعات عمله دون إضاعة للوقت او هدره على حساب “المزاجية الشخصية” ..
نحتاج إلى ربط فعال بين القول والفعل ، نحتاج إلى بيئة وظيفية قادرة على تعزيز اواصر الانتماء والجذب لا التنفير والطرد ..نحتاج إلى دوائر رسمية وموظفين عندهم المقدرة والقدرة على تأدية الخدمة بشروط اكثر انسانية ، وأكثر اخلاصا للدور الوظيفي ووضع الصالح العام للدولة والناس في سلم أولويات عملهم ..أما “المزاجية” في التعامل فهناك “مضافات وبيوتات” فلهم الحق في التعامل معها كيفما شاؤوا.
كاتب وصحفي اردني