عدنان نصار يكتب :هيا بنا نركض.. زلازل وفيضانات.. و”سارة” تدافع عن “تيجي نتجوز بالسر”!!

كنانة نيوز –
هيا بنا نركض.. زلازل وفيضانات.. و”سارة” تدافع عن “تيجي نتجوز بالسر”!!
 
عدنان نصار
لن يطول أمر “المر” ، أكثر مما طال ، ولن تتسع دوائر الماء اكثر مما اتسعت وبلعت الأرواح في الشرق الليبي الشقيق ..ولن “تعطس” الأرض اكثر مما يجب لتفعل فعلها في المغرب الشقيق ..،وفي ظني أخذنا حصتنا الكافية كعرب من وجع امتد من “دانيال” إلى “الربيع العربي” الذي حول جغرافيا عربية إلى “خراب” بعد أن نجحت “الفوضى الخلاقة” في توظيف “الحراب” لاقتتال يشبه “داحس والغبراء” في السودان الشقيق ، وألغام مزرعة على طرق احلامنا البسيطة في حياة فضلى وهادئة..
اسوق هذه المقدمة ، لأننا نحتاج إلى التذكير بأن ثمة جثث قذفتها الفيضاتات إلى البحر ، في ليبيا الصابرة، وأرض ابتعلت جثث في المغرب المكلوم..،واطفال تبحث عن بقايا اسرهم ، أو صندوق العابهم ، ويستنهض الوجع احلامهم ليعيدوا بناء الحكاية ..حكاية سماء امطرت وابتلعت نحو 6000 انسان وآلاف المفقودين في ليبيا ،الشقيقة ، وأرض عطست فأرخت الجبال اوتادها وانزاحت ، وازاحت معها 3000 قتيل ، ونحو 6 آلاف مصابا وتهجير عشرات الالاف في المغرب الشقيق ..
أمام هذا الكم من الوجع تطل علينا في الاردن المطربة اللبنانية الشعبية “ساره زكريا” لتغني “بدنا نتجوز بالسر” ، في كلمات اغنية وصفت بالهابطة ،من قبل كل المتذوقين لنكهة الغناء على اختلاف ثقافاتهم ، الأمر الذي تنبهت له نقابة الفنانين الاردنيين واصدرت تعميمها بمنع المغنية الشعبية ساره زكريا من الغناء في الاردن، وهو امر بلا شك مقدر لنقابة الفنانين التي نادرا ما تستخدم تعميمات او تعليمات الا اذا تدخلت الذائقة الشعبية الأردنية في تقييم مستوى الأغنية، والعمل على مقاطعة صاحبها عبر نشر مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي..فخطوة المنع عموما كانت في توقيتها تماما ..
الشعب الأردني ، لديه من الحس الوطني ما يكفي لوضع الآخر أمام دهشة ..وأيضا يمتلك ذائقة سماعية فنية ملتزمة وهادفة ، وهذا ليس بغريب ان يشكل المجتمع الأردني سدا منيعا لمنع هذا المستوى من الغناء ..
أمام هذه الحالة من محاولات “الدمار الاخلاقي” تحت مسميات الفن ، استذكر دور الفن بكل تفرعاته كيف عمل على صقل الشخصية الجوانية لجيل الشباب في الستينيات و السبعينيات ..ففيلم “الأرض” على سبيل المثال للمرحوم محمود المليجي أعطى جيلنا جرعة اضافية من القيم السامية لتقديس الأرض والدفاع عنها ..فيما منحنا فيلم “الكرنك” السياسي بإمتياز قيم الثبات على الموقف ..وفي فنون الغناء الملتزم ، نعود بالذاكرة الى الطرب الشعبي المصري الذي سكن في وجداننا ..نستذكر الراحل محمد عبد المطلب : “السبت فات والحد فات وبعد بكره يوم التلات ميعاد حبيبي ” ونستذكر المطربة الشعبية فاطمة عيد :”بخت العدالة مايل ” ..و”سايس حصانك” للراحل الشيخ امام..، اذن ، هو فن يعمل على صقل الشخصية وإكسابها ثقافة اضافية وذائقة راقية تحمل رسالة ..وفي سياق الحديث لقد دأبت الشعوب العربية في مختلف الإقطار ان تستثمر الفن الملتزم لجمع تبرعات لدول تعرضت إلى كوارث او حروب ..الفن العربي يدعم الشعب الجزائري في ثورته (ثورة الجزائر) ..الفن العربي يدعم الشعب الفلسطيني في انتفاضاته ونضالاته..”مارسيل خليفه” و”جوليا بطرس” و”سميح شقير” جزء من نماذج فنية يسجل لها كل الإحترام والمحبة .
الناس في غالبيتهم ، يميلون إلى المحبة والسلام والرقي ، غير أن مفاهيم الفن الهابط في كل مستوياته التلفزيونية او المسرحية او السينمائية او الغنائية له قدره على التأثير على البعض من جيل اليوم بنسب تأثيرية متفاوتة ،وهذا يدعو للأسف والتحسر على ايام دور الرقابة على الفن وتمرير الملتزم ومنع الهابط .
اعتقد ،ان ثمة مخطط فني تقوم عليه مؤسسات وليس افراد ، لنشر مستوى هابط من الفن ليتغلغل في المجتمعات العربية ، بهدف ذبح الذائقة العربية الراقية ، واحداث انقلاب في مسار شخصية الاجيال بإتجاه لا يحمد عقباه ، وربما ، سيصل هذا المستوى إلى أدنى مستوى له ان مررنا “الهشك بيشك” دون رقابة على المنتج الفني ..أمام هذا الهبوط لا نملك سوى “الركاض” للهرب إلى الأمام..او نآوي إلى شواطئنا نعيد فيها بناء مراكبنا ..!