كنانة نيوز –
رسالة أدبيّة
الكاتبة والشّاعرة أماني المبارك
الكتابةُ، منذُ ولادتها، لها رسالتُها الساميةُ، كيف لا وهي خالدةٌ بفضلِ اللغةِ العربيّةِ الفُصحى، التي كُتِبَ بها القرآنُ الكريمُ لبلاغتِها وإعجازِها، فهي مَحبَرةٌ لا تنضَبُ، ما إن استطَعنا توظيفَ الرّيشةِ في خطِّ أفكارٍ من شأنِها الرِّفعةُ والسمُوُّ، وانعكاسُها بشكل إيجابيٍّ على المجتمع، فلتكن القنديلَ الذي يضيءُ سراديبَ الظلام.
الحالةُ الشعوريةُ، على اختلافها، أنّى لنا إطلاقُ سراحِها، والتغريدُ بها نحوَ الأفقِ من غير الكتابةِ، حتى وإن كان البوحُ يريحُ النفسَ إلا أننا سنبقى مقيّدين، ملتزمين بخطوطٍ ما، بسبب الحواجزِ التي تُوجدها بيئةُ كلِّ كاتب، فلا مفرَّ لنا إذًا إلاّ إطلاقُ العنانِ للقلم، والتحليقُ بكلِّ ما أوتينا من أدبٍ.
أيها الكتّابُ الأعزّاءُ…ما دمتم من أهلِ الضاد، تخضّبوا بها، ولتكن وسمًا مقدسًا، يترجم ما في جعبتكم من كلماتٍ مبعثرَةٍ، امنحوها القوةَ، لتتشكل فيما بعد مكوِّنةً غيمةً، والغيمةُ تهطلُ فكرةً، بأسلوب سلسٍ متين، وليكن إحساسُكم الصادقُ السلاحَ الأولَ في مسيرتكم الأدبيةِ، فإن ترجمتم الشعورَ النقيَّ، دون تكلُّفٍ فقد وصَلَ القلوبَ، ولامس شيئا ما في القارئ، أرواحُكم عندما تصدُقُ مع الحرف، وتعطيه كلَّ الصدق فإن الحرفَ يعطيك ويرفعُك، لتصلَ إلى أنبل الغاياتِ، وأجلّ الأفكار، ولا تنسوا أن تمارسوا طقوسَ التصوّفِ إن جاز التعبيرُ، فالعزلةُ الاختياريةُ والتأملُ بين أحضان الطبيعةِ، واستنشاقُ الصور، الأصواتِ، جزيئاتٍ لا تعدّ ولا تحصى ما بين السماء والأرض، جُلها أدواتٌ للكتابة، فما عليكم إلا توظيفُها بشكل يخاطبُ الثالوثَ الإنسانيَّ: العقلَ، والقلبَ، والروحَ، ولكي يتغذى شريانُكم الأدبيُّ لا بدّ لكم من القراءة، فأوّلُ سورة نزلت على حبيبنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، سورةُ العلق، كانت تحثّ على القراءة ” اقرأ باسم ربك الذي خلق” صدق الله العظيم، وعليكم أيضا مصاحبةُ الكتاب، فهو خيرُ جليس، كما قال: أبو الطيب المتنبي “أعزُّ مكانٍ في الدّنا سرجُ سابح ** وخيرُ جليس في الزمانِ كتابُ”.
في النهاية أقولُ لكم: اكتبوا بكل ما أوتيتم من إحساسٍ، وتفرُّدٍ، امزجوا الواقعَ بالخيال لتكوِّنوا فلسفةً خاصّةً لحرفِكم، فما زلتم بأولِ خطواتكم، الحرفُ الصادقُ يفرض نفسَه إذا ما توفرت فيه عناصرُ الكتابةِ الأساسيّةِ، من فكرةٍ، ولغةٍ، وأسلوبٍ. فلتكُن كتاباتُكم بصمةً خالدةً لكم عبر التاريخِ، تُذكَرون فيه بعدَ زمنٍ طويل، وتُذكَر رسالتُكم الساميةُ التي بدأتْ بأوّلِ خطوةٍ.